ليت الحاج قاسم حاضراً رغم كونه شاهداً
حسين شريعتمداري
1ـ اشار رئيس جمهورية بلدنا المحترم الدكتور بزشكيان خلال اجتماع لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الجانب الروسي، الى مسألة يمكن درجها ـ دون أدنى شك ـ كواحدة من اهم السبل لمواجهة العقوبات الظالمة غير القانونية التي فرضتها اميركا على الجمهورية الاسلامية الايرانية، فقد شدد السيد بزشكيان في هذا اللقاء المشترك مع نظيره الروسي على الآليات والامكانات الهائلة التي تتمتع بها ايران، بالقول؛ "إن ايران وروسيا والصين يمكنهم بتعزيز التعاون الاقتصادي ان يفرضوا عقوبات على اميركا". كيف؟
لنقرأ!
2ـ إتصل السفير الالماني لدى طهران نهاية عام 2017 بالصحيفة ليعلن عن زيارة لمستشار وزير خارجية المانيا الى ايران ورغبته اللقاء بمدير مؤسسة كيهان. ولما كنا نؤمن ان وزارة خارجية بلدنا هي الواجهة الامامية المختصة بشؤون السياسة الخارجية للبلد، ولذا ينبغي في مثل هكذا موارد ان يتم التنسيق مع وزارة الخارجية، فتم الاتصال بالدكتور عراقجي وكان حينها مساعد وزير الخارجية، فرحب بدوره بهذا الحوار وتقدم ببعض الاقتراحات. وحضر اليوم التالي مستشار وزير خارجية المانيا الى الصحيفة، وضمن الحديث وجهت له سؤالاً؛ ألستم (واعني اميركا واوروبا) من فرضتم العقوبات على ايران وروسية والصين، ألا تقلقون ان توجد هذه الدول محوراً قوياً في مواجهتكم لما تتمتع به من امكانات وآليات ضغط، فيضيقوا عليكم الخناق؟ فقال السيد المستشار؛ بالمناسبة ان هذه المسألة واحدة من المواضيع التي يتم بحثها في وزارة الخارجية الالمانية.
3ـ ان مضيق هرمز احد آليات الضغط القوية لايران الاسلامية لمواجهة العقوبات الاميركية والاوروبية، وبالامكان ان تكون هذه الآلية واحدة من نقاط قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية الاساسية في عملية التنسيق التي أشار اليها السيد بزشكيان مع القوتين؛ روسيا والصين لمواجهة العقوبات الاميركية والاوروبية. ويذكر انه خلال السنوات الاخيرة تمت الاشارة مراراً في الصحيفة لهذه الآلية المقتدرة، وضرورة الاستفادة منها، ووضحنا ان "مضيق هرمز يعتبر ثاني اكثر مضيق ازدحاماً في العالم، اذ تمر يوميا من خلاله 18 مليون برميل نفط اي ما يعادل 42% من النفط الخام المنقول في العالم بواسطة ناقلات النفط". كما ان الجمهورية الاسلامية الايرانية واعتماداً على المعاهدات الدولية لعام 1958 في جنيف وعام 1982 في جامايكا، والتي تتضمن مسألة "الاسس القانونية للممرات المائية الدولية وحقوق مرور السفن"، لها الحق وبامكانها، اذا ما تعرضت مصالحها القومية للخطر، ان تغلق مضيق هرمز، بوجه جميع السفن ناقلات النفط وحتى السفن الحاملة للسلع التجارية والاسلحة، اذ لا يحق للدول المتنازعة ان تتردد من خلال ممرات مائية تعود لبلدنا. انه حق ايران القانوني القطعي ان تحول دون مرور حاملات النفط والعوامات الحاملة للسلع التجارية لدول متنازعة من مضيق هرمز.
4ـ الامر الملفت والغامض هو انه كلما استخدمنا في الصحيفة آلية الضغط لمواجهة العقوبات والصلف الاميركي الاوروبي شاهدنا حالتي ردود فعل متواكبة في داخل وخارج البلاد. فالمسؤولون الاميركيون والاوروبيون يمتعضون من هذا الاقتراح بشدة، فيما يلجأ المتأثرون بالغرب وبعض ادعياء الاصلاح، ممن لا طول لهم مواجهة الصحيفة بالدليل، يلجأون الى الاستهزاء من الاقتراح المطروح!
ونلفت الى مسالة ثانية بهذا الخصوص:
5 ـ في تموز عام 2018 خاطب السيد روحاني رئيس الجمهورية حينها، الغربيين بالقول "من يعرف القليل في السياسة لا يقول سنحول دون تصدير ايران للنفط. فلدينا الكثير من المضائق، وان مضيق هرمز واحدة منها".
وبعد تصريحات السيد روحاني هذه، تفضل سماحة قائد الثورة بالقول؛ "ان تصريح رئيس الجمهورية خلال زيارته الاخيرة لاوروبا والقاضية بـ(اذا لم يتم تصدير النفط الايراني فليس بامكان اي دولة في المنطقة ان تصدر نفطها) تصريح مهم يعكس سياسة ومنهجية النظام. وان من مهام وزارة الخارجية ان تتابع بجدية هكذا مواقف لرئيس الجمهورية".
6 ـ في حينها كتب الشهيد الكبير الفريق قاسم سليماني رسالة يخاطب بها السيد روحاني: "ان ما تم عكسه من توجيهات حضرتكم في وسائل الاعلام، والقاضية بانه اذا لم يسمح بتصدير نفط الجمهورية الاسلامية الايرانية، فلا ضمانة بان يتم تصدير نفط جميع دول المنطقة، وما صرحت به من خطاب قيم بخصوص موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية حيال الكيان الصهيوني، له مبعث فخر لنا... واقبل يديك لهكذا تصريحات مناسبة وحكيمة ودقيقة، ونحن بخدمة اي توجه سياسي يصب في مصلحة النظام الاسلامي".
7ـ ان تصريحات السيد بزشكيان خلال اجتماع مع النشطاء الاقتصاديين الروس، تصب في مصب وتنحو منحى نفس تصريح السيد روحاني، بالرغم من ان متابعة الامر ليس مما يحوز سبقا لدى السيد روحاني(!) الا ان ترحيب سماحة قائد الثورة والشهيد سليماني يعكس امراً وهو ان ترجمة هذه الرؤية للفعل ليس مما لا مانع منه وحسب بل هو امر ضروري، ويمكن ان يُفعل كآلية مقتدرة ومؤثرة قبال العقوبات والتهديدات والأتاوات التي تحاول اميركا واوروبا فرضها.
ان استخدام هذه الآلية هو حق قانوني لايران الاسلامية. وتوضيح ذلك مدرج في المادة 14 الى 23 من معاهدة جنيف لعام 1958، والمواد 17 الى 37 من معاهدة جامايكا لعام 1982 والذي يعالج موضوع الدول المشاطئة وحق مرور السفن.
فالمادة 14 من معاهدة جنيف لعام 1958، وضمن سماحها بمرور السفن لجميع الدول سواء المتشاطئة وغيرها، تشدد على ان عبور العوامات ينبغي ان لا يشكل ضررا للدول المتشاطئة (وهنا المعني ايران الاسلامية)، وجاء في البند الرابع من المادة نفسها:
"ان سماح العبور والمرور الى درجة لا يشكل ضرراً لاستقرار ونظم او أمن الدول المتشاطئة". فيما المادة 16 من المعاهدة تقول "ان تشخيص عدم ضرر أو الحاق الخسائر من عبور السفن يقدر من قبل الدول المتشاطئة.
8 ـ وبالتالي، وضمن توجيهنا للشكر لرئيس جمهوريتنا المحترم للمواقف الثورية المعادية للاستكبار، لابد من القول انه ان كان الشهيد سليماني العزيز بين ظهرانينا ـ بالرغم من ان الشهداء احياء والحاج قاسم حاضر وشاهد ـ لكتب دفاعاً عن المواقف الثورية للدكتور بزشكيان، يخاطبه "ان مواقفك مبعث فخر وعزة لنا و...".